حقيقة الجيش السوداني ؟! وسبب إستهدافه المتعمد لحياة المواطنين ( ١_٢)

بقلم: صادق كرم الصادق

بطبيعة الحال عندما تحررت الاقطار الافريقية ونالت استقلالها من قبضة المستعمر بالمعني الذي ادى الى قيام الدولة الوطنية الحديثة لم تكن هذه الدول المستقلة حديثا قد تتحررت بالكامل من قبضة المستعمر والسبب في ذلك يرجع الى عدة عوامل مختلفة تتعلق ببينة الدولة الوطنية نفسها ادت الى تفريغ معاني الحرية والاستقلال من مضامينها وتحولت معها معظم هذه البلدان الى دول دكاتورية وبصورة اسواء مما كانت عليه في فترات الحكم الاستعماري .
ومن بين هذه العوامل وجود سببين رئيسين : _
* السبب الاول يتمثل في غياب الرؤية الوطنية ومذهبية الحكم المناسبة لحالة هذه البلدان الفقيرة ذات المجاميع المتعددة ثقافيا وعرقيا .

*والسبب الاخر يتمثل في وجود المؤسسة العسكرية داخل بنية الدولة المستقلة حديثا بحجة الدفاع عن الامة وارضها وسلامة المواطنين وبالتالي احتكرت هذه المؤسسة عنف الدولة بداخلها وسرعان ما استتبعت معها بقية المؤسسات الاخرى في تصريف شؤون البلاد لتعمل وفق توجها الثقافي والايدولوجي وبالتالي فرضت على هذه الدول اوضاع اشبه بحالة الطؤاري .

ونجد الكثير من هذه المؤسسات قد نشاءت على يد المستعمر بكونها احد الركائز الاساسية لقيام الدولة عندما تشكلت هذه المفاهيم بطريقة ما لدى حركات المقاومة المسلحة ، ولذلك كانت الاغلبية من هذه الجيوش قد تأثرت عقيدتها العسكرية بنفس السلوك الذي كان يستخدمه المستعمر في خدمة اجندته الاستعمارية وحماية وضعيته السلطوية بالاحتراز من اي محاولة للانقضاض عليه .

وبالتالي يمكننا من خلال هذه الزاوية ان نرى الخلل الذي وقعت فيه معظم البلدان الافريقية ، واسباب الفشل الذي ادى وسوف يؤدي في النهاية الي انهيار الدولة الوطنية في اي وقت .

وبحسب هذا التوصيف الذي انبثقت منه تؤليفة هذه الدول بأعتماد المؤسسة العسكرية من ضمن تشكيلاتها كانت الضربة الموجعة في قلب الشعوب الافريقية ولا تزال .
وعطفا على هذه المقدمة الصغيرة يمكن اعتبار الحالة السودانية من ضمن هذا السياق لانها اصدق الحالات التي توفر الادلة والشواهد التاريخية للسلوك الذي مارسته القوات المسلحة ولماذا مارسته ؟ وكيف تم ؟
وهل حقيقة القوات المسلحة معنيه بحماية ارواح المواطنين وسلامة الوطن ؟ .

في حقيقة الواقع ان حالة الدولة السودانية قد وصلت الي اقصي درجة من درجات الفشل والانتكاسة والتراجع وعدم المسؤولية الى هذا المستوى الذي اصبحت فيه جميع مؤسسات الدولة السيادية والدستورية والمدنية والعسكرية وبيوت المواطنين والبنية التحتية مناطق عمليات ومستهدفة من قبل الاطراف المتقاتلة .
اما بواسطة الجيش السوداني واما بواسطة قوات الدعم السريع التابعة له وفق القانون .
وما يؤسف حقا ان يعتبر بعض الناس ويدعي ان هنالك ثمة اختلاف بين الجيش السوداني كمؤسسة وطنية يجب الاصطفاف خلفها وبين قوات الدعم السريع كاجانب ومرتزقة .

ومثل هذا التفريز الاعور مهما كانت شواهده لا يخدم قضية الوطن الا اذا اردنا به تفيكيك بنية الدولة على النحو الذي تسعى له الاطراف المتصارعة نفسها كمحصلة نهائية لشروط الاقتتال .

ومهما يكن فان قوات الدعم السريع لا تعتبر المشكلة في حد ذاتها بقدر ما هى تعتبر بمثابة الاعرض لتشخيص المرض .

وعلى التحقيق لا يمكن ان تنتصر قوات الدعم السريع وان تحكم برغم من سيطرتها على العاصمة واقليم دارفور وتكبيدها للجيش من خسائر حسية ومعنوية بتركيع هيبته وجبروته .

وبالجانب الاخر ايضا لا يستطيع الجيش ان ينتصر وان يحكم رغم إدعاءاته بالتصدي للمؤامرات الدولية والتي قد تحتمل جانب من الصواب الا انه إدعاء وتملق كاذب لتبرير موقفهم المخزئ وخيانتهم الوطنية لسيادة البلاد وشرفها وسلامة اراضيها وشعبها .

ولكننا سوف نبرز هذه الخيانة العظيمة لجماهير شعبنا وسوف نوضح الحقائق كما هى ولا يشغلنا في ذلك هم غير ان تذهب هذه المؤسسة الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها .

وسنكون عبر هذه الصفحة المتواضعة والصغيرة امام كل محاولة يمكن ان تجري بواسطة القيادة العسكرية للبحث عن شرعية جديدة وموطأة قدم في مستقبل الحياة السياسية لضمان امتيازاتهم وضمان عدم المحاسبة القانونية لتلك الجرائم التي ارتكبوها منذ تأسيس هذه القوات بواسطة المستعمر 1925م .

ولا نريد لهذه السانحة ان نذكر الناس بجرائم الابادة الجماعية والقتل والاختصاب الذي مارسه الجيش في جنوب السودان مما ادى الى فصله عن حضن الوطن ولا بتلك الجريمة الوطنية التي جرت بوادي حلفا لطمس هوية الامة وتاريخها ولا بهول المناظر وفجاعت الاحداث في اقليم دارفور وكردفان والنيل الازرق ولا حتى عن المجازر والفظائع التي ارتكتبت بواسطة هذه القوات ومنسوبيها داخل الخرطوم ولاويات السودان المختلفة والتي لا يعلم عنها الكثير من الناس ولا عن تلك الجرائم التى قامت بتقويض الدستور وعدم الاعتراف باحقية الشعب وليس اخيرا عن ارتكاب جريمة الحرب مع سبق الاصرار والترصد والاعداد المتعمد لها بدخول البلاد في هذه الحرب العبثية بغرض تفتيتها وهزيمة تلك الروح السامية التى اتحدت فيها قلوب السودانين باسم ديسمبر العظيم .

واخيرا نقول الى سيادة الفريق البرهان ان محاولات الكيزان لن تجدي نفعا لك ولا الى البلد مهما تفننت فهي محاولات خاسرة وسوف تكون عليهم وعليك لانها تقف علي الابواب المغلقة بحكم الزمن الذى ولى عن سلطة الاسلامين وطريقة تفكيرهم مثلما تفوه الجنرال ياسر العطا بسخائم نفسه المريضة .

المزيد من المواضيع: