شكوك حول اتفاق السلام بين الحكومة والجنرال قارويج دوال

جوبا – تقرير خاص – عمق الحدث

أثار اتفاق بورتسودان الأخير بين مجموعة “كيتقوانق” التابعة للحركة الشعبية في المعارضة – الجيش الشعبي لتحرير السودان، بقيادة الجنرال سايمون قارويج دوال، وحكومة جنوب السودان، العديد من التساؤلات والمخاوف من قبل جهات معنية.

وكانت حكومة السودان، بقيادة المجلس العسكري الانتقالي، قد لعبت دور الوساطة في هذا الاتفاق الذي ينص على دمج مقاتلي كيتقوانق في الجيش الحكومي وتعيين الجنرال قارويج دوال نائبًا لرئيس أركان قوات الدفاع، وهو منصب ظل شاغرًا منذ سنوات.

انتقادات وتحفظات حول الاتفاق

المحلل السياسي جيمس بوبويا يرى أن معظم الاتفاقيات التي توقعها الحكومة تعتمد على تقاسم المال والسلطة أكثر من تحقيق السلام الفعلي.

وقال بوبويا: “المشكلة أن كل مفاوضات السلام في جنوب السودان تدور حول تبادل المال والسلطة. ويجد قارويج نفسه في وضع لا يستطيع فيه فعل شيء، لذا فإن أفضل خيار له هو العودة إلى جوبا وتوقيع اتفاق سلام، والذي من وجهة نظري لا وجود له.”

وأضاف أن عملية السلام تحتاج إلى وساطة وضامنين، مؤكدًا أن ما حدث يبدو وكأنه “اتفاق عائلي”، حيث إن العديد من القادة الذين يعودون إلى جوبا ينتهي بهم الأمر قيد الإقامة الجبرية.

وأشار إلى أن الحكومة إن كانت جادة في تحقيق السلام، فيجب أن تفتح المجال للحوار مع قادة معارضين آخرين مثل توماس سريلو، بدلًا من إنفاق أموال طائلة على المفاوضات في نيروبي.

مخاوف حول تنفيذ الاتفاق

الناشط في المجتمع المدني، تير مانيانق قاتويج، أبدى قلقه من أن يكون هذا الاتفاق مجرد إضافة جديدة لقائمة الاتفاقيات غير المنفذة، على غرار اتفاق السلام المُنشط (R-ARCSS).

وقال: “هناك مخاوف بين المواطنين بشأن تنفيذ هذا الاتفاق. إذا كانت الحكومة صادقة في نواياها، فعليها التركيز على تنفيذ اتفاق السلام المُنشط بالكامل.”

وأضاف أن الاتفاقيات التي يتم توقيعها بسرعة غالبًا ما تفشل على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن الحكومة مطالبة بتوضيح أسباب التأخير في تنفيذ بنود اتفاق السلام المُنشط قبل المضي قدمًا في اتفاقيات جديدة.

جدل حول جدوى الاتفاق

الناقد السياسي كليمنت أترجونق كون دينق شكك في إمكانية نجاح الاتفاق، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تظهر أي جدية في تنفيذ الاتفاقات السابقة.

وقال: “إذا كان هدف الحكومة تحقيق السلام، فلماذا لم تدعُ جميع الأطراف إلى طاولة واحدة؟ حتى الحركة الشعبية في المعارضة (SPLM-IO) غير راضية لأن اتفاق 2018 لم يُنفذ بشكل كامل.”

وأضاف أن الاتفاق مع الجنرال قارويج قد يكون مجرد خطوة سياسية أخرى، خصوصًا أن الترتيبات الأمنية لا تزال متعثرة، ما يجعل إمكانية دمج قوات كيتقوانق في الجيش الحكومي أمرًا مشكوكًا فيه.

تحالفات جديدة في الأفق؟

يرى بعض المراقبين أن الاتفاق سيعيد رسم خريطة التحالفات العسكرية في البلاد، لا سيما في منطقة “لاو نوير”، خاصة بعد خروج شخصيات بارزة مثل المستشار الأمني السابق توت قاتلواك من المشهد.

وأشار البعض إلى أن الجنرال قارويج دوال قد يكون جزءا من تشكيل تحالف عسكري جديد محتمل للحزب الحاكم ، مع احتمالية انضمام قادة آخرين مثل الجنرال استيفن بواي في المستقبل القريب.

من هو الجنرال قارويج دوال؟

تم تعيين الجنرال سايمون قارويج رئيسًا لأركان الجيش الشعبي لتحرير السودان – في المعارضة (SPLA-IO) عام 2014، لكنه رفض التوجه إلى جوبا بعد توقيع اتفاق السلام لعام 2018، مطالبًا بتنفيذ الترتيبات الأمنية أولًا.

في يونيو 2021، أقاله مشار من قيادة أركان جيشه، ومن ثم تعيينه مستشارًا للسلام في رئاسة الجمهورية ، لكنه رفض التعيين، معتبرًا أنه محاولة لاستدراجه إلى جوبا.

وفي أغسطس 2021، أعلن قارويج إقالة الدكتور ريك مشار من قيادة الحركة الشعبية – الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة (SPLM/A-IO)، ونصب نفسه قائدًا جديدًا، فيما عُرف بإعلان كيتقوانق، وعين الجنرال جونسون أولونج نائبًا له.

وقع فصيل كيتقوانق اتفاق سلام مع الحكومة في العاصمة السودانية الخرطوم في يناير 2022، إلا أن الاتفاق سرعان ما تعثر وسط اتهامات للحكومة بعدم الالتزام بتنفيذه.

لاحقًا، نشب خلاف بين قارويج وأولونج، ما أدى إلى اشتباكات بين قواتهما، قبل أن يعلن أولونج تأييده للسلام واستعداده للعودة إلى جوبا.

ختام

في ظل الشكوك المحيطة باتفاق بورتسودان، يبقى التساؤل الرئيسي: هل ستحقق هذه الخطوة سلامًا دائمًا، أم ستكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة الاتفاقات التي لم تُنفذ؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.

تحرير: عمق الحدث – تمازج

المزيد من المواضيع: