ديرك موسوعة يعجز مدادنا عن ذكر إنجازاته

بعمق

لا شك أن مهرجان ديريك الثقافي الذي إنطلق قبل عامين ويقام كل بداية شهر نوفمبر أطلق العنان لحراك ثقافي يُنتظر بفارغ صبر كل عام وبات أحد المهرجانات الثقافية التي تحرك الجمود الثقافي والفكري على مستوى جنوب السودان، ولما لا فإن إسم الراحل ديرك رقم لا يمكن تجاوزه في المعادلة الثقافية في السودان وجنوب السودان، لما تركه من إرث ثقافي وفكري لا يحتاج سوي إضافة أفكار الراحل عن خططه المستقبلية في الشان الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. بطبيعه الحال الكثير من تلامذته موجودين على الساحة الثقافية سيواصلون مسيرة الراحل الثقافية والفكرية، وأخص بالذكر هنا الزملاء مثيانق شريلو، أتيم سايمون، بوي جون، ملوال دينق، ديفيد اوكو، نتالى، أبراهام مليك وجبرائيل أرنست فضلاً عن كثير من الجنود المجهولين الذين عملوا ليل نهار لتنظيم مهرجان ديريك الثقافي لهذا العام.
الزملاء المذكورين أعلاه ثابروا وإجتهدوا خلال العامين الماضيين وحتي هذا العام لتنظيم المهرجان فالاستاذ الراحل ديرك كان بمثابة أبيهم في الشأن الثقافي والفكري.
شد إنتباهي للأستاذ الراحل ديرك اويا الفرد خلال تقديم الأستاذ يدجوك أقويت ورقة للراحل عن علاقة الثقافة بالتنمية الاقتصادية، في النسخة الأولى للمهرجان التي تمت فعالياتها بمركز النهضة الثقافي بحي مايو. حيث حدد الراحل مطلوبات التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة وبما يتصل بالفرد وعلاقة ذلك بالتنمية البشرية ككل، وفي ظل الوضع السياسي في السودان حينها، وحتى الآن المشكل السوداني لم يبارح مكانها ولا يزال دولة ٥٦ الذي أسسه الراحلان إسماعيل الأزهري والمحجوب وغيرهم من الرعيل الأول من الساسة السودانيين، الذين حددوا لغة وثقافة ودين واحد هي العربية والإسلام، بالرغم مما يشكله السودان من التنوع الاجتماعي وأقوامه المتعددة.
وبما أن التنمية الاقتصادية تعني تدخلا اداريا من الدولة لاجراء تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد بابعاده المختلفة بحيث لا تقف مجهودات التنمية فقط علي الكمي وانما تمتد لتشمل التغير النوعى
وبالتالي هنالك فرق بين النمو والتنمية.
النمو تعني الزيادة الحقيقية الناتج القومي وحصة الفرد من خلال فترة زمنية عادة تكون سنة وعليه يبقي مفهوم التنمية الاقتصادية أشمل واوسع من مفهوم النمو الاقتصادي لانه يقوم بتغيرات اوسع في الاقتصاد ودفع المتعيرات الاقتصادية الكلية نحو النمو باسرع وانسب من النمو الطبيعي لها وعلاج مايقترن بها من إختلال بهدف تحسين كفاءة الاقتصاد و الناتج القومي، عكس النمو الذى يركز علي التغيير الكمى دون ان يهتم بنوعية السلع والخدمات التى يحصل عليها الافراد ومدى اهميتها بالنسبة لهم.
فقد كان الراحل ديرك ملم إلماماً كافياً ومدرك تماماً لمالآت التنمية الاقتصادية في السودان لذلك تحدث عن أبعادها بشكل وافي في ورقته، وبما يقترن بها من أهمية خصوصاً وأن مفهوم التنمية الاقتصادية برزت بشكل جدي بعد الحرب العالمية الثانية، أي بعد ظهور مرحلة التحرر الوطني للدول المتخلفة والمستعمرة
عالج الأستاذ ديرك اويا الفرد مشكلة السودان بوضوح لا لبس فيه من الناحية الثقافية، خصوصاً أن ثقافات شعب جنوب السودان لم تكن ضمن الصدارة في المهرجانات التي كانت تتصدرها ثقافات الشمال النيلي ونُخب المؤتمر الوطني وأذياله إلا ما ندر عندما تكون هناك مهرجانات صورية ومبايعة المؤتمر في إنتخاباتها المزورة التي كانت تقيمها، مستخدماً أتباعه من الجنوبيين. وبسبب مواقفه الفكرية الداعية للعدالة والمساواة بين مختلف أقوام السودان وتنوعها الإثني، تعرض الراحل لمضايقات من قبل نظام الإنقاذ، حسبما سرده عضو المجلس التشريعي القومي الإنتقالي السيد الباشمهندس فاروق قاركوث عندما عدد مآثر الراحل في تأبين رحيله الذي أقيم في حي جوبا ناباري عام ٢٠٢١م. وأبرز مواقف الراحل معارضته لمهرجان الخرطوم كعاصمة للثقافة العربية برعاية جامعة الدول العربية عام ٢٠٠٥م، فإيمان الراحل الأستاذ ديرك اويا الفرد بالتنوع الثقافي والاجتماعي للسودانيين كانت علامة بارزة في جبينه، وجعله يسير بخط مستقيم وراء أفكاره وترجمته لاقواله وأفعاله. مما زاد زخم وفعالية المهرجان، فكان بعض الصحفيين والكتاب ومن بينهم كاتب المقال لم يعرفوا عن الراحل إلا بما يسمعونه ويكتبه الزملاء المذكورين عن الراحل قبل رحيله. إختلف الحال بعد وفاة الراحل وعُرف عن الراحل الكثير خلال المهرجانين الأول والثاني علاوة على المهرجان الثالث الذي يقام فعالياتها الآن وهناك الكثير من المفاجآت سيُعرف عن الراحل من خلالها.

المزيد من المواضيع: