
مرحب بالمرتبات..!!!
طالعنا بالأمس خبرا نحسب أنه مفرحاً ، لقطاع كبير من العاملين بمؤسسات الدولة المختلفة، بشأن إعلان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عن بدء دفع رواتب الموظفين العموميين والقوات النظامية والبعثات الأجنبية، بدءا من اليوم الخميس 14 ديسمبر 2023 .
بطبيعة الحال نقر بأن الخبر ، جميل في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، خاصة وأن الجميع على اعتاب الدخول في احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة.
ومن الطبيعي أن يشعر الناس بهذا الشعور، لأن معاش الناس وحياتهم تسيرها هذه الرواتب ، أي كانت كبيرة أم ضعيفة.
وفي ذات الوقت، هي التي تحرك عجلة الاقتصاد في الدول المتقدمة.
وكانت الفرحة ستكون اكبر ، إذا ما أعلنت وزارة المالية عن صرف مستحقات الشهور السابقة دفعة واحدة ، ولكنها أعلنت فقط عن صرف مرتبات شهر أغسطس فقط مع شهر إضافي للبعثات الدبلوماسية في الخارج.
وعلى الرغم من فرحة الموظفين بالمرتبات التي تضاهي فرحة الاطفال بالأعياد والمناسبات ، إلا ان الغصة ما زالت قائمة في ظل دوامة معضلة الرواتب التي آصبحت لغزا كبيرا تعاني منه الدولة التي تجاوزت مرحلة الوليدة ، وفي ظل غياب المؤشرات التي تشير إلى استمرارية صرف رواتب العاملين في المستقبل القريب.
ولكن إذا سألنا هذا التساؤل الجاد ، ما الذي يمنع من استمرارية صرف الرواتب في مواعيدها في ظل توافر كل المقومات اللازمة لذلك..؟؟!
وهو ذات السؤال الذي يراودني طوال الوقت..
فما الذي يستعصي على الحكومة ، او وزراء المالية الذين تعاقبوا على هذه الوزارة من توفير مرتبات العاملين بصورة مستمرة، طالما هناك عوائد مالية تأتي من البترول باستثناء حالة الايرادات غير النفطية التي أصبحت هي الاخرى لغزا اقتصاديا محيرا للعباد والبلاد…؟!
وهذا يقودنا إلى تساؤل آخر، اليست مرتبات العاملين ضمن أوجّه الصرف لإيرادات البترول..؟!
في تقديري المتواضع ، لا اعتقد بأن هناك مبرر واضح لتأخير رواتب العاملين بالدولة طالما هناك عوائد بترولية تأتي في مواعيدها ، وليس هناك ما يمنع كذلك من استمرارية صرف الرواتب في وقتها ، إذا ما تم التخطيط له ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق ذلك..
اذن لا بد من الإشارة إلى أن هناك حلقة مفقودة بالتأكيد في معضلة المرتبات التي تبدو وكأنها مفتعلة..؟؟!
ولكن بعيدا عن السياق السياسي الذي تعيشه البلاد حاليا، فإنه من واجب الحكومة أن تضافر جهودها في علاج معضلة “المرتبات” التي ظللنا نتعايش معها منذ استقلال البلاد.
فالأمر لا يتعلق بظرف اقتصادي كما يتراءى للجميع، فحتى في ظل الأزمات الاقتصادية الكبرى ، تظل مرتبات العاملين موجودة . ولكنها في الاساس هي أزمة غياب الإرادة ، وأزمة ترتيب الأولويات والأسبقيات.
وعندما تفرح وزيرة التعليم العام ، بإعلان وزارة المالية عن صرف رواتب الموظفين وكأنه إنجاز في حد ذاته،
فلا بد أن يكون هناك مكامن خلل مسكوت عنها في نظام الدولة.
في الختام نتمنى ونحن على مشارف الدخول في العام الجديد، ان تتغير الأمور، وان تتغير طريقة التفكير، بأن تتبدل نظرة الدولة التي تبدو ، وكأنها تعاقب مواطنيها على اوضاع لم يكن لهم فيها يد. وقد رأينا تحركات كثيرة لوزير المالية ، ولكن نتمنى ان نرى طحيناً في العاجل القريب، وعلى رأي المثل فاول الغيث قطرة، ونتمنى ان تراعي شعور المواطنين في استمرارية صرف رواتبهم.